الألفاظ رموزا لمصاحف الصحابة ثم لحقت بمرور الزمن بالقرآن وهل هذا يتفق هو وقواعد النقد التحليلي الذي كثيرا ما يلهج به وكيف غاب عن ذهن الناقد الباحث أن القرآن لم يكن يتلقى من المصاحف وإنما كان يتلقى بالرواية والسماع وأنه ثابت بالتواتر الشفاهي يأخذه الخلف عن السلف إلى النبي ﷺ وإنما كانت كتابة القرآن زيادة في التوثق والاطمئنان وليجتمع للقرآن الحفظ في السطور إلى الحفظ في الصدور الحق أنه ما كان يليق بباحث ناقد أن يغفل كل هذا.
وبعد... فلعلك أيها القارئ أدركت معي أن هذه الشبه باطلة، وأنها لا تعدو أن تكون هراء من القول دعا إليه موجدة قديمة، وسخيمة نفس أبت إلا أن تستعلن فبرزت في هذا الزور من القول، أو تعصّب بغيض وجهل فاضح بالقرآن ومقاصده، وإن محاولتهم إطفاء نور الله بأفواههم لمحاولة فاشلة يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ (٣٢) [التوبة: ٣٢] فلا تلق إلى هذه الشبه بالا فهي لا تعدو أن تكون دعاوى من أدعياء، ويرحم الله القائل:
والدّعاوى ما لم تقيموا عليها بيّ... نات أبناؤها أدعياء
وجرد من نفسك مجاهدا ينافح عن كتاب الله بلسانه وقلبه فإن المنافحة عن الحق أشرف الجهاد وأسماه، وكتاب الله كله حق وهدى ونور وصدق وعدل وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ [الأنعام: ١١٥]، وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢) [فصلت: ٤١ - ٤٢].
صلات تتعلّق بالمكي والمدني
وهناك أنواع ذكرها السيوطي في إتقانه، وهي بسبب من المكي والمدني كالحضري والسفري، والليلي والنهاري، والصيفي والشتائي، وما تقدم نزوله على حكمه، وما تأخر نزوله عن حكمه، وأيضا ذكر مما يتعلق بالمكي والمدني وما حمل من مكة إلى المدينة، وما حمل من المدينة إلى مكة أو غيرها، وقد أفاض الإمام السيوطي في ضرب الأمثلة، ولن نفعل