جمع فلما كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله ﷺ في آثارهم مصلتا بالسيف يقول سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) فكانت ليوم بدر، أخرجه الطبراني في الأوسط فيكون من الإشارات والنبوءات الغيبية التي أظهرت الأيام صدقها، وكانت من دلائل النبوة.
٣ - قوله تعالى: قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) [سبأ: ٤٩] أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أن المراد بالحق السيف، يعني الجهاد، واستشكل بأن الآية مكية متقدمة على فرض القتال، والجواب أن هذا مما تقدم نزوله على حكمه، ويؤيد تفسير ابن مسعود ما أخرجه الشيخان من حديثه أيضا، قال: دخل النبي ﷺ مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول: جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) أقول: والمتبادر من الحق أنه الأمر الثابت، فتفسيره بالجهاد غير قوي، ويكون المراد بالحق الدين الحق، أو كلمة التوحيد.
٤ - قوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ [الأنعام: ١٤١] فالمراد بها الزكاة وقوله تعالى في سورة المزمل وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [المزمل:
٢٠] فهذا مما تأخر حكمه عن نزوله، إذ الزكاة إنما شرعت بالمدينة، أقول: وهذا على رأي بعض العلماء، وعلى أن السورتين كلتيهما مكيتان، ولكن بعض العلماء يرى أن آية إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ الآية مدنية وأنها ناسخة لوجوب قيام الليل في صدر السورة.
ويرى فريق من العلماء أن فرض الزكاة كان بمكة، أما تفصيل أحكامها وأنصبتها، وبيان مصارفها فكان بالمدينة، وعلى هذا فلا تكون الآيتان من هذا القبيل، وأما الحكمة في تقدم النزول عن الحكم فقد أشار إليها ابن الحصار بقوله: قد ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيرا تصريحا وتعريضا بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه، ويظهره حتى يفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف، أقول: لعل مراده بالأخذ التنفيذ العملي؛ فإن ذلك لم يكن إلا بالمدينة


الصفحة التالية
Icon