وقاتل بمن أطاعك من عصاك وأنفق ينفق عليك» (١).
فقد أخبر أن القرآن لا يحتاج في حفظه إلى صحيفة تغسل بالماء وإنما محلّه القلوب كما جاء في وصف هذه الأمة «أناجيلهم في صدورهم» (٢) بخلاف أهل الكتاب الذين لا يحفظونه إلا في الكتب ولا يقرءونه كله إلا نظرا لا عن ظهر قلب.
فلا عجب والحال كما سمعت أن حفظ القرآن جم غفير من الصحابة منهم الخلفاء الأربعة وحذيفة، وسالم مولى أبي حذيفة، وابن مسعود، وأبو هريرة، وابن عباس، وابن الزبير، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو ابن العاص، وأبوه، وغيرهم من المهاجرين، ومن الأنصار: أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو زيد، ومهما يكن من شيء فقد حفظ القرآن الكثيرون من الصحابة في عهد النبي؛ ولقد روي أنه قتل في يوم بئر معونة سبعون من القراء.
رواية مشكلة: ولكن يشكل على ما ذكرنا ما رواه البخاري في صحيحه (٣) عن أنس بن مالك قال: مات النبي ﷺ ولم يجمع القرآن غير أربعة، أبو الدرداء،
(٢) المراد كتابهم المقدس وهو القرآن لأن المسلمين ليس لهم أناجيل، وإنما ذلك للنصارى، وقد ذكره ابن كثير في تفسيره عن قتادة في قوله: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤) [الأعراف:
١٥٤] قال موسى: رب إني أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت للناس، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فاجعلها أمتي!! قال: تلك أمة أحمد، قال: ربي إني أجد في الألواح نبي أمة هم الآخرون السابقون رب فاجعلها أمتي قال: تلك أمة أحمد، قال رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرءونها، رب اجعلهم أمتي! قال تلك أمة أحمد، قال قتادة فذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام نبذ الألواح وقال: اللهم اجعلني من أمة أحمد.
(٣) كتاب فضائل القرآن- باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.