مصاحف وقال للرهط القرشيين إذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش (١) فإنما نزل بلسانهم فقاموا بمهمتهم خير قيام وكتبوا المصاحف مرتبة السور على الوجه المعروف اليوم فلما انتهوا أرسل عثمان إلى كل مصر من الأمصار المشهورة بمصحف ليجتمع الناس في القراءة عليه، تلافيا لما حدث في ذلك الوقت من الاختلاف والتنازع، وأمر بما سواها من المصاحف أن يحرق، أو يخرق، وبذلك وفق الله عثمان والصحابة لهذا العمل الجليل، ثم رد الصحف إلى حفصة فبقيت عندها إلى أن توفيت، فأرسل مروان بن الحكم إلى أخيها عبد الله بن عمر عقب انصرافه من جنازتها أن يرسل إليه هذه الصحف فأرسلها إليه فأمر بها مروان فشققت، وفي رواية أنه أمر بها فغسلت، وفي رواية أخرى أنه حرقها (٢) وقال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب، وكانت وفاتها- رضي الله عنها- عام واحد وأربعين، وقيل عاشت إلى سنة خمس وأربعين.
يدل على ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: «إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان رضي الله عنه وكان يغازي (٣) أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان (٤) مع أهل العراق، فأفزع حذيفة
(١) يريد إذا اختلفتم في رسم لفظ من ألفاظ القرآن فاكتبوه بالرسم الذي يوافق لغة قريش كما يدل على ذلك قصة اختلافهم في كتابة لفظ «التابوت».
(٢) لا تنافي بين الروايات لجواز أن تكون غسلت أولا ثم شققت ثانيا ثم حرقت ثالثا.
(٣) أي كان يجمع أهل الشام مع أهل العراق للغزو والفتوحات.
(٤) أرمينية بكسر الهمزة- وتفتح- وسكون الراء وكسر الميم بعدها ياء مثناة خفيفة ساكنة ونون مكسورة، وياء خفيفة مفتوحة، وقد تثقل كما قال ياقوت وهو إقليم كبير يشتمل على بلدان كثيرة أكبرها أرمينية، وأذربيجان بفتح الهمزة وسكون الذال وفتح الراء وكسر الباء بعدها ياء مخففة ثم جيم مفتوحة ممدودة وهما إقليمان، وصارا يعرفان بالقوقاز، وهما الآن تحت الحكم الروسي الشيعي.