وإنما لم تكتب مكررة في مصحف واحد لئلا يتوهم أنها نزلت هكذا مكررة، ولم تكتب إحداهما في الأصل والأخرى في الحاشية لئلا يتوهم أنها تصحيح لها.
وإنما جردت المصاحف من النقط والشكل: ١ - لما روي عن ابن مسعود «جردوا مصاحفكم» يعني من كل شيء إلا القرآن.
٢ - لتحتمل الكلمة التي تكتب بصورة واحدة أكثر من وجه مما صح نقله وثبتت تلاوته عن النبي ﷺ من وجوه القراءات كما بينا آنفا.
أين المصاحف العثمانية الآن
قال صاحب مناهل العرفان (١) - رحمه الله-: ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن فضلا عن تعيين أمكنتها، قصارى ما علمناه عنها أخيرا أن ابن الجزري رأى في زمانه مصحف أهل الشام ورأى في مصر مصحفا أيضا.
أما المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتب والآثار في مصر ويقال عنها إنها مصاحف عثمانية فإنا نشك كثيرا في صحة هذه النسبة إلى عثمان رضي الله عنه، لأن بها زركشة ونقوشا موضوعة كعلامات للفصل بين السور ولبيان أعشار القرآن، ومعلوم أن المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا ومن النقط والشكل أيضا كما علمت.
نعم إن المصحف المحفوظ في خزانة الآثار بالمسجد الحسيني والمنسوب إلى عثمان رضي الله عنه مكتوب بالخط الكوفي القديم مع تجويف حروفه وسعة حجمه جدّا، ورسمه يوافق رسم المصحف المدني أو الشامي حيث رسم فيه كلمة مَنْ يَرْتَدِدْ من سورة المائدة بدالين اثنين، مع فك الإدغام، وهي فيهما بهذا الرسم، فأكبر الظن أن هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها، وكذلك المصحف