مستند لا يقبل بل الروايات صحيحة، والتأويل محتمل، وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق»، وعلى فرض صحة الرواية يجاب بما يأتي:
١ - عدم كتابتهما أو حكّهما لا يستلزم إنكار كونهما من القرآن لجواز أنه كان لا يكتبهما اعتمادا على حفظ الناس لهما لا إنكارا لقرآنيتهما فالفاتحة يقرؤها كل مسلم في الصلاة، المعوذتان يعوذ بهما المسلمون أولادهم، وأهليهم ويحمل قوله: «كتاب الله» على المصحف، قال ابن قتيبة في مشكل القرآن: «وأما إسقاط الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن، معاذ الله، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان» ومعنى ذلك أنه يرى أن الشك والنسيان، والزيادة والنقصان مأمونة في سورة الحمد؛ لقصرها ووجوب تعلمها على كل أحد لأجل الصلاة.
٢ - أنها رواية آحادية، فهي لا تعارض القطعي الثابت بالتواتر، والعبرة في التواتر أن يروى عن جمع يحيل العقل تواطؤهم على الكذب، لا أن لا يخالف فيه مخالف، فظن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن لا يطعن في قرآنيتهما، قال ابن قتيبة في مشكل القرآن: «ظن ابن مسعود أن المعوذتان ليستا من القرآن، لأنه رأى النبي يعوذ بهما الحسن والحسين فأقام على ظنه، ولا نقول إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والأنصار».
٣ - على فرض صحة الرواية فيحمل ذلك على أنه كان قبل أن يستيقن ذلك، فلما علم ذلك وتيقنه رجع إلى رأي الجماعة، وليس أدل على ذلك من أن الذين تعزى قراءاتهم إلى ابن مسعود متفقون على أن هذه السور الثلاث من القرآن؛ قال ابن الصباغ: «إنه لم يستقر عنده القطع بذلك، ثم حصل الاتفاق بعد ذلك» (١)، وهذا الجواب هو الذي تستريح إليه النفس.
الشبهة الرابعة
: قالوا إن القرآن نقص منه ما كان بعض الصحابة يكتبه في

(١) الإتقان ج ١ ص ٨٠.


الصفحة التالية
Icon