الصلاة والسلام لم يكن يحسن الكتابة واختاره البغوي في التهذيب، وقال: إنه الأصح، وادعى بعضهم أنه ﷺ صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها وعدم معرفتها بسبب المعجزة لهذه الآية فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب (١) تعرف الكتابة حينئذ وروى ابن أبي شيبة وغيره «ما مات صلى الله عليه
وسلم حتى كتب وقرأ» ونقل هذا للشعبي فصدقه وقال:
سمعت أقواما يقولونه وليس في الآية ما ينافيه (٢) وروى ابن ماجة عن أنس قال: قال ﷺ «رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر» ثم قال: ويشهد للكتابة أحاديث في صحيح البخاري وغيره كما ورد في صلح الحديبية: فأخذ رسول الله ﷺ الكتاب وليس يحسن أن يكتب فكتب: «هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله» الحديث (٣) وممن ذهب إلى ذلك أبو ذر عبد الله بن أحمد الهروي (٤)، وأبو الفتح النيسابوري (٥) وأبو الوليد الباجي من المغاربة (٦) وحكاه عن السمناني (٧)
(٢) وممن رواه البيهقي في السنن الكبرى، ثم قال: فهذا حديث منقطع، في رواته جماعة من الضعفاء والمجهولين والله تعالى أعلم.
(٣) صحيح البخاري- كتاب المغازي- باب عمرة القضاء، ورواه أيضا النسائي في سننه، وأحمد في مسنده، وأما مسلم فرواه بدون «وليس يحسن يكتب» ولكن في روايته إثبات الكتابة كما هنا، والحديث نص في أنه ﷺ تعلم الكتابة وإن لم يحسنها.
(٤) هو الحافظ عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عنبر الأنصاري المالكي، شيخ الحرم، ولد ٣٥٥ والمتوفى ٤٣٤ هـ.
(٥) هو الإمام ناصر بن سليمان بن ناصر بن محمد الأنصاري الشافعي، ولد ٤٨٩ وتوفي سنة ٥٥٢ هـ.
(٦) هو القاضي سليمان بن خلف بن سعيد بن أيوب التجيبي القرطبي صاحب المؤلفات النافعة، ولد سنة ٤٥٣ هـ وتوفي سنة ٤٧٤ هـ.
(٧) هو القاضي محمد بن محمد بن أحمد السمناني أبو جعفر، فقيه العراق، نسب إلى سمنان، بلد بالعراق، ولي القضاء بالموصل وكانت وفاته بها سنة ٤٤٤ هـ.