مجرى الإشارات والعقود والرموز، فكل رسم دال على الكلمة مفيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكاتب به، على أي صورة كانت.
وبالجملة فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه، وأنى له ذلك وقد نوقش هذا المذهب بما يأتي:
١ - بالأدلة التي ساقها جمهور العلماء لتأييد القول بالتوقيف وقد مرت بك عن كثب.
٢ - ما ادعاه من أنه ليس في نصوص السنة الخ مردود بما روي من قوله ﷺ لمعاوية: «ألق الدواة، وحرف القلم» الحديث وبما ذكرناه من أن النبي ﷺ أقر الكاتبين على ما كتبوا والتقرير أحد أنواع السنة.
٣ - ما ذكره من قوله: ولذلك اختلفت خطوط المصاحف... إلخ، غير مسلم لقيام الإجماع على الرسم العثماني، وعد وجود المخالف وتتابع الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم على ما جاء في هذه المصاحف عن غير نكير له.
٤ - أما ما ذكره ابن خلدون من أن العرب كانوا مغرقين في البداوة.
فنقول: إنهم بعد الإسلام قد خطوا في الحضارة العلمية والكتابية خطوات ملموسة، وذلك لما بينا من أن الإسلام دين العلم والمعرفة، وأنه دعا إلى إزالة الأمية من أول يوم، وأما متابعة من جاء بعد الصحابة لهم في رسم المصحف، تبركا بهم، فلم يكن التبرك هو المعول عليه في هذا العصر، وإنما كان ديدنهم ما وافق الحق والصواب قبلوه، وما خالف الحق والصواب نبذوه، وأما أن الصحابة لم يكونوا على درجة من إتقان الخط فمردود؛ لأن النبي ﷺ اختار كتاب القرآن من الحذاق بالكتابة، ومنهم من كان يعرفها في الجاهلية، ثم جاء الإسلام، فزاده حذقا ومعرفة بها، وقد مرت مثل مما التزموه في الكتابة يدل دلالة أكيدة على أن هذا أمر كان مقصودا لهم، وأنهم كانوا على درجة من الحذق بالهجاء والكتابة.