والجواب:
١ - أن هذا القول غير صحيح في نسبته إلى ابن عباس وهو مدسوس عليه، دسه الملاحدة والزنادقة، قال أبو حيان ما نصه: إن من روى عن ابن عباس أنه قال ذلك فهو طاعن في الإسلام ملحد في الدين، وابن عباس بريء من ذلك القول. وقال الزمخشري في تفسيره: «وعن ابن عباس وسعيد بن جبير: إنما هو حتى تستأذنوا فأخطأ الكاتب، ولا يعول على هذه الرواية. وقال القرطبي في تفسيره (١) بعد ذكر هذا عن ابن عباس أو سعيد ابن جبير وهذا غير صحيح عن ابن عباس وغيره، فإن مصاحف الإسلام كلها قد ثبت فيها حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وصح الإجماع فيها من لدن مدة عثمان فهي التي لا يجوز خلافها، وإطلاق الخطأ والوهم على الكاتب في لفظ أجمع الصحابة عليه قول لا يصح عن ابن عباس: وقد قال عز وجل: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢). وقال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)، وقد روى هذا الخبر عن ابن عباس ابن جرير، ولا يخلو إسناده من مدلس أو مضعف (٢)، ورواه الحاكم وصححه، وتصحيح الحاكم غير معتبر عند أئمة الحديث، وقد تعقبه الإمام الذهبي في نحو مائة حديث موضوع ذكرها في كتابه المستدرك فضلا عن الضعيف والواهي.
٢ - يؤيد رد هذه الرواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه ورد عنه تفسير تَسْتَأْنِسُوا بقوله: وتستأذنوا من يملك الإذن من أصحابها، فثبوت هذا التفسير عنه يرد ما ألصق به، وقد روى هذا التفسير عنه ابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن جرير وابن مردويه (٣) ولعل الراوي عن ابن عباس وهم حيث فهم من تفسير الاستئناس بالاستئذان أنه الصواب،
(٢) تفسير ابن كثير والبغوي ج ٦ ص ٩١ هامش.
(٣) تفسير الآلوسي ج ١٨ س ١٣٣.