في الإعراب على المهيع المعروف الظاهر، فلا إشكال فيها أصلا.
ب- وقرأ ابن كثير وعاصم في رواية حفص عنه إِنْ هذانِ بتخفيف النون في إِنْ والألف في هذانِ غير أن ابن كثير يشدد نون هذانِ وهذه القراءة أيضا سلمت من مخالفة الرسم العثماني، ومن مخالفة العربية وتخرّج على أن إِنْ هي المخففة، وهي مهملة وهذانِ مبتدأ ولَساحِرانِ خبره، واللام هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة ويجوز أن يكون اسمها ضمير الشأن، والجملة بعدها من المبتدأ والخبر خبرها وقيل إن إِنْ نافية، واللام بمعنى إلا، والتقدير ما هذان إلا ساحران، ويشهد له قراءة أبي إن ذان إلا ساحران وهي قراءة تفسير وتوضيح.
ج- وقرأ الباقون إِنْ هذانِ لَساحِرانِ بتشديد نون إن وبالألف في هذان، وهي موافقة للرسم، ولكنها مشكلة في الإعراب، وهذه القراءة هي التي زعم الزاعمون أنها خطأ ونسبوا ذلك زورا إلى السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، وهذه القراءة لها وجوه صحيحة في العربية، وقد أفاض في بيانها العلماء، وأحسن هذه الوجوه وأجودها (١) أنها جارية على لغة بعض العرب في إلزام المثنى الألف في جميع حالته، وهي لغة لكنانة، ولبني الحارث بن كعب، والخثعم، وزبيد، ومراد وغيرهم، ولذلك شواهد كثيرة من مثل قول الشاعر العربي:
واها لسلمى ثم واها واها... يا ليت عيناها لنا وفاها
وموضع الخلخال من رجلاها... بثمن نرضي به أباها
إن أباها وأبا أباها... قد بلغا في المجد غايتاها
وقد اعتبر العلامة ابن هشام النحوي هذه القراءة أقيس إذ الأصل في

(١) من أراد استيعابا لما قاله العلماء في توجيه هذه القراءة من الآراء وشواهده في العربية فليرجع إلى تفسير القرطبي ج ١١ ص ٢١٦، وما بعدها، وتفسير الآلوسي ج ١٦ ص ٢٢٢ وما بعدها، ومقدمتان في علوم القرآن ص ١٠٩ وما بعدها.


الصفحة التالية
Icon