هم وتتبدل أخلاقهم، وتقوى عزائمهم وتتربى فيهم ملكات الصبر، والتحمل، وعدم الخضوع لأهواء النفس وشهواتها، ويكونوا على استعداد للتضحية والكفاح في سبيل عقيدتهم ودينهم رضوان الله عليهم، فلا سهر في لهو، ولا في شرب خمر، ولا في متابعة للجواري والحسان ولا في قمار، ولا ميسر إلى غير ذلك من مباذل الجاهلية.
وإنما هو سهر في حب الله، وفي مدارسة كتاب الله، وفي الصلاة، والذكر، والدعاء، خلوات ما أحلاها من خلوات، وسمو بالأرواح إلى معارج القدس الأعلى.
فلا تعجب إذا كانوا كتب الله لهم النصر والعزة على قلتهم، وأن حملوا رسالة نبيهم فبلغوها إلى الدنيا كلها، وأنهم لم يمض عليهم نصف قرن من الزمان حتى دانت لهم فارس، والروم بل لم يمض قرن على الدعوة حتى بلغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار.
وما ظنك برجال كان بعضهم يختم القرآن في ركعة يحيى بها ليله كذي النورين عثمان رضي الله عنه وتميم الداري، بل روي عن سليم بن عتر التجيبي أنه كان يقرأ القرآن في الليلة ثلاث مرات! وروي عن الإمام الشافعي أنه كان يختم في اليوم والليلة من شهر رمضان ختمتين، وفي غيره ختمة، وروي عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه كان يختم القرآن في الليلة ويومها من رمضان (١) إلى غير ذلك مما ذكر عن بعض السلف، وقد كان الإمام أبو حنيفة ممن يختم القرآن في ليلة، وذلك أنه مر على قوم، فسمعهم يقولون: هذا يختم القرآن في ليلة، فأبت عليه نفسه وأخلاقه إلا أن يكون كما يقولون فواظب على ذلك.
العامل الثاني الترغيب في قراءة القرآن، وحفظه:
وقد ورد عن النبي ﷺ ما لا يحصى من الأحاديث في الترغيب في قراءة