أن الشيخ الإمام «بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي» ألف كتابا حافلا يسمى «البرهان في علوم القرآن» فتطلبته، حتى وقفت عليه، ثم قال:
«ولما وقفت عليه ازددت به سرورا، وحمدت الله كثيرا، وقوي العزم على إبراز ما أضمرته، وشددت الحزم في إنشاء التصنيف الذي قصدته، فوضعت هذا الكتاب العلي الشأن، الجلي البرهان، الكثير الفوائد والإتقان ورتبت أنواعه ترتيبا أنسب من ترتيب البرهان، وأدمجت بعض الأنواع في بعض، وفصلت ما حقه أن يبان، وزدته على ما فيه من الفوائد والفرائد والقواعد والشوارد ما يشنف الآذان وسميته ب «الإتقان في علوم القرآن».
وقد جعله مقدمة للتفسير الكبير الذي شرع فيه، والجامع بين الرواية والدراية، والمسمى: «مجمع البحرين ومطلع البدرين»، وقد جمع ثمانين نوعا من أنواع علوم القرآن (١).
٨ - الإتقان في الميزان
الإمام «السيوطي» - عليه رحمة الله- رجل طلعة باقعة (٢) لم يدع شاردة ولا واردة، إلا اطلع عليها، فلا عجب أن جاء كتابه كالفهرس لعلوم القرآن، وقد ذكر فيه خلاصات مئات الكتب المؤلفة في هذه العلوم، وفي غيرها، وبحسبك أن تقرأ أسماء الكتب التي اعتمد عليها في تأليف كتابه، وقد سردها في مقدمته، لتتبين صدق هذا القول.
ومن محاسن «الإتقان» أن يذكر في مقدمة كل نوع من أنواعه الكتب التي ألفت مستقلة في هذا النوع وهو بهذا يرشد القارئ إلى المراجع، ويحمله على الاستزادة في البحث، والتحري عن الحقائق، واستقصاء ما كتب في الموضوع، ثم يأخذ في ذكر نقول ونماذج من هذه الكتب، توضح
(١) انظر الإتقان ج ١ من ص ٤ - ١٨.
(٢) طلعة- بضم الطاء وفتح اللام- كثير الاطلاع، والباقعة، الذكي العارف الذي لا يفوته شيء.