باختلاف الأشخاص، فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف، فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ، وكذلك من كان مشغولا بنشر العلم، أو فصل الحكومات، أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه إخلال بما هو مرصد له، ولا فوات كماله وإن لم يكن من هؤلاء المذكورين فليكثر ما أمكنه من غير خروج إلى حد الملل أو الهذرمة (١) في القراءة، وهو تفصيل حسن.
[٢ - نسيانه كبيرة]
٢ - نسيانه كما قلنا سابقا كبيرة صرح بذلك الإمام النووي في «الروضة» وغيرها للحديث الذي رواه أبو داود وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي ذنوب أمتي، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن، أو آية أوتيها رجل ثم نسيها» وروي أيضا: «من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة أجذم» وفي الصحيحين مرفوعا: «تعاهدوا القرآن، فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها».
[استحباب الوضوء لقراءته]
٣ - يستحب الوضوء لقراءة القرآن؛ لأنه أفضل الأذكار؛ وقد كان النبي ﷺ يكره أن يذكر الله إلا على طهر، كما ثبت في الحديث.
قال إمام الحرمين: ولا تكره القراءة للمحدث؛ لأنه صح أن النبي ﷺ كان يقرأ مع الحدث، قال في شرح المهذب: وإذا كان يقرأ فعرضت له ريح أمسك عن القراءة حتى يستتم خروجها.
وأما الجنب، والحائض والنفساء فتحرم عليهم القراءة نعم يجوز لهم النظر وإمراره على القلب، وأما متنجس الفم فتكره له القراءة، وقيل:
تحرم كمس المصحف باليد النجسة، وأما مس المصحف بغير حائل فيحرم على الجنب، والحائض والنفساء، وأما حملهم له في حقيبة أو كيس من غير ملامسة فجوزه الجمهور سلفا وخلفا، وشذ بعض العلماء فأجاز مسه للجنب والحائض، وطعن في الأحاديث الواردة في ذلك بأنها لم يصح منها شيء وقد رد عليه بعض الأئمة بأن أكثرها صحاح: فمن ذلك ما رواه

(١) الإسراع إلى حد عدم تبيين مخارج الحروف، وعدم مراعاة قواعد تجويد قراءته.


الصفحة التالية
Icon