من قراء الكوفة كحمزة والكسائي، ذهبوا إلى هذا، فقرءوا ما كان من هذا القبيل بالتذكير، نحو يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وهذا في غير الحقيقي.
أقول: ولست من هذا الذي ذكروه على ثلج، ولا اطمئنان، فالنص القرآني لا يجوز فيه الاجتهاد، ولا إبدال حرف منه بآخر، ولا كلمة بأخرى ولا يجوز التصرف في حروفه إلا في حدود ما تلقي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وتلقاه النبي عن رب العزة عن طريق جبريل. ومن شك في حرف أهو بالياء أم بالتاء، وأ هو بالتذكير أم بالتأنيث فليمسك عن قراءته، وليرجع إلى المصحف. أو إلى حافظ ليتأكد من النص القرآني، نعم: ما فيه قراءتان أو أكثر فله أن يقرأه بإحداهما. ولعل أثر ابن مسعود رضي الله عنه إن صح محمول على ما فيه أكثر من قراءة من هذا القبيل فيؤثر قراءة التذكير على التأنيث. لا أنه يقول ذلك ما دام يجوز لغة؛ لأن كثيرا مما جاز لغة لم يجز قراءة؛ وإنما القراءات في حدود المأثور. المنقول بالتواتر. وما من قراءة إلا ولها وجه في اللغة العربية.
١٥ - هل يجوز قطع القراءة لمكالمة أحد
يكره قطع القراءة لمكالمة أحد. وعلل ذلك الحليمي بأن كلام الله لا ينبغي أن يؤثر عليه كلام غيره. وأيده البيهقي بما روي في الصحيح: «كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه»، ويكره أيضا الضحك والعبث. والنظر إلى ما يلهي فإن اضطر إلى مكالمة أحد. أو إلى أي عمل فليختم، فإذا فرغ تعوذ وبدأ من حيث انتهى.
١٦ - لا يجوز قراءة القرآن بالعجمية (١):
مطلقا سواء أحسن العربية أم لا، في الصلاة أم خارجها، وعن أبي حنيفة أنه يجوز مطلقا. وعن أبي يوسف ومحمد لمن لا يحسن العربية لكن في شارح البزدوي أن أبا حنيفة رجع عن ذلك، أقول: نعمّا صنع الإمام أبو حنيفة حينما رجع عن ذلك والرجوع إلى الحق فضيلة وهو اللائق بالإمام الجليل.