قال السيوطي وهذا التقسيم حسن جدّا، وبه أقول، وأنا أيضا استحسنه جد الاستحسان، وبه أقول.
وقد ذكر الشيخ تاج الدين بن السبكي في طبقاته في ترجمة الإمام أبي منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي من كبار الشافعية، وأجلائهم أن من شعره قوله:

يا من عدى ثم اعتدى ثم اقترف ثم انتهى ثم ارعوى ثم اعترف
أبشر في قول الله في آية إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف (١)
ثم عقب فقال: استعمال مثل الأستاذ أبي منصور مثل هذا الاقتباس في شعره له فائدة فإنه جليل القدر، والناس ينهون عن هذا، وربما أدى بحث بعضهم إلى أنه لا يجوز، وقيل إن ذلك إنما يفعله الشعراء الذين هم في كل واد يهيمون ويثبون على الألفاظ وثبة من لا يبالي، وهذا هو الأستاذ أبو منصور من أئمة الدين، وقد فعل هذا، وأسند عنه هذين البيتين الأستاذ أبو القاسم بن عساكر.
قال الإمام السيوطي معقبا: ليس هذان البيتان من الاقتباس لتصريحه بقوله الله، وقد قدمنا أن ذلك خارج عنه.
وأما أخوه الشيخ بهاء الدين فقال في «عروس الأفراح»: الورع اجتناب ذلك كله، وأن ينزه عن مثله كلام الله ورسوله.
ثم قال السيوطي: رأيت استعمال الاقتباس لأئمة أجلاء منهم الإمام أبو القاسم الرافعي وأنشده في أماليه، ورواه عنه أئمة كبار.
الملك لله الذي عنت الوجو هـ له، وذلت عنده الأرباب
متفرد بالملك والسلطان قد خسر الذين تجاذبوه وخابوا
دعهم وزعم الملك يوم غرورهم فسيعلمون غدا من الكذاب (٢)
(١) هو مأخوذ من قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال: ٣٨].
(٢) هو مأخوذ من وقوله تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) [القمر: ٢٦].


الصفحة التالية
Icon