يحصيها العد أكبر دليل على هذا وهذا أمر لم يكن لغير القرآن، وهو سر من أسرار الإعجاز والبيان وصدق الله تعالى في قوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) (١).
وكما لا يجوز قراءة القرآن بغير اللفظ العربي المبين الذي نزل به، لا يجوز بالإجماع كتابته بغير الحروف العربية، لا باللاتينية، ولا بغيرها من اللغات، لأن القرآن عربي في لفظه وعربي في حروفه وكتابته، ورسم القرآن كما رجحنا سابقا توقيفي وسنة متبعة لا تجوز مخالفته، والصحابة رضوان الله عليهم لما كتبوا المصاحف لم يكتبوها إلا بالحروف العربية، وهذا إجماع لا تجوز مخالفته ورسول الله ﷺ لما كاتب الملوك والأمراء بعد صلح الحديبية كاتبهم باللغة العربية (٢)، حتى فيما ليس بقرآن فإذا كان هذا في غير القرآن فما بالك بالقرآن ونصوص الكتب مدونة في كتب السير والحديث والتاريخ ولم أقف على كتاب منها كتب بغير اللغة العربية، والحروف العربية ومن ادعى خلاف ذلك فعليه البيان.
فالدعوة إلى كتابة القرآن الكريم بالحروف اللاتينية أو بغيرها دعوة آثمة ملحدة هدامة تدعو إلى فصم العروة الوثقى التي تربط بين المسلمين جميعا عربا، وغير عرب، وهي القرآن ولغة القرآن.
وكما أن اللغة العربية شعار الإسلام والمسلمين، فكذلك الحروف العربية شعارهم ومن منذ نصف قرن قام بعض المصريين وغيرهم يدعون إلى كتابة اللغة العربية بالحروف اللاتينية، ولكن الله قيض لهم من المخلصين من علماء هذه الأمة من قبرها في مهدها، ورد كيد أهلها في نحورهم، وباءوا بغضب من الله والناس.
إننا لو جوزنا هذا في كتابة القرآن الكريم لفتح باب شر مستطير،

(١) سورة القمر وقد تكررت فيها أربعة مرات.
(٢) انظر صورة كتاب رسول الله إلى المقوقس عظيم الروم في كتاب الوسيط في الأدب العربي ص ١٢٢ ط أولى.


الصفحة التالية
Icon