بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) [سورة الفرقان: ٣٢ - ٣٣]، فقد روي: أن المشركين أو اليهود عابوا على النبي ﷺ نزول القرآن مفرقا، وقالوا: هلا نزل جملة واحدة، كما نزلت التوراة على موسى، فأنزل الله- سبحانه- هذه الآية، حاكية لأقوالهم، ورادة عليهم ببيان الحكمة في إنزاله مفرقا، أي: أنزلناه مفرقا، لنثبت به فؤادك ولترتله ترتيلا في خاصة نفسك، وعلى أصحابك.
أما السنن الصحيحة، فقد ورد فيها ما يدل على نزول «القرآن» منجما مفرقا، ففي الصحيحين وغيرهما عن عائشة- رضي الله عنها-: «أن أول ما نزل صدر سورة «اقرأ»... إلى قوله تعالى: ما لَمْ يَعْلَمْ، وفي الصحيحين- أيضا- عن جابر: «أن أول ما نزل بعد فترة الوحي سورة «المدثر» إلى وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)، وكذلك روي عن ابن عباس وغيره من الصحابة، القول في تقدم نزول بعض السور والآيات على بعض، وترتيب السور على حسب النزول (١)، إلى غير ذلك من الآثار التي لا تدع مجالا للشك في نزول القرآن الكريم على النبي ﷺ مفرقا، وهذه الأحاديث والآثار وإن كانت آحادية إلا أنها بمجموعها تفيد التواتر المعنوي المفيد للقطع واليقين في هذا.
...