الحكم وأعظمها، ولذا ذكرها الله أول ما ذكر في الرد على هؤلاء.
ويندرج تحت هذه الحكمة: ١ - تثبيت فؤاد النبي، وتقوية قلبه، وإلهاب حماسه، وتسليته، وذلك بسبب تكرر نزول الوحي، وتوالي آياته وما اشتملت عليه الآيات من أن رسالته حق لا شك فيها، وأن العاقبة للمتقين، والنصر إنما هو للأنبياء وأتباعهم، وأن الله مؤيده وناصره، وكان النبي ﷺ كثيرا ما يتحسر ويحزن، لعدم إيمان قومه، كما قال تعالى: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦) (١) [سورة الكهف: ٦]. فكانت تنزل عليه الآيات مسلية له، فتارة تنهاه أن يذهب نفسه عليهم حسرات، كما قال تعالى: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨) [سورة فاطر: ٨].
وتارة يبين له: أن هدايتهم إنما هي على الله، وإنما عليك البلاغ كما قال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [سورة البقرة:
٢٧٢]، إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [سورة القصص: ٥٦] وقال: فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [سورة الرعد: ٤٠].
وكان كلما آذاه قومه ونالوا منه، وسفهوا عليه، نزلت الآيات داعية له إلى التحمل والصبر والثبات عليه، وأن العاقبة للصابرين، كما قال تعالى:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [سورة الأحقاف: ٣٥]، وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (١٢٧) [سورة النحل: ١٢٧]، وقال: وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥) [سورة هود: ١١٥].
وتارة تنزل الآيات قاصّة على النبي أخبار «الأنبياء» مع أممهم وما لاقوه منهم من عنت ومشقة، وكيف كان تحملهم من أقوامهم وما آل إليه أمرهم من الفوز والنصر على الأعداء والمكذبين وذلك مثل قصص «نوح» و «إبراهيم» و «ولوط» و «هود» و «صالح» و «موسى» وما لاقاه من بني