النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ (٣) [سورة العنكبوت: ١ - ٣].
بل اقرأ هذا الوعد الذي يستحث الهمم، ويقوي العزائم إلى الجهاد والكفاح حتى تقوم لهم دولة ويكون لهم سلطان: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً [سورة النور: ٥٥].
وطبعي: أن دواعي هذا التذكير والإرشاد والتوجيه لم تكن في وقت واحد، بل كانت في أزمنة متعددة متفاوتة، فاقتضى ذلك نزول القرآن مفرّقا على حسب ذلك.
الحكمة الثالثة:
مجاراة الحوادث والنوازل والأحوال والملابسات في تفرقها وتجددها، وهذه الحكمة هي التي أشارت إليها الآية الكريمة في قوله تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) [سورة الفرقان: ٣٣].
ويندرج تحت هذه الحكمة ما يأتي: ١ - بيان حكم الله- سبحانه وتعالى- في الأقضية والوقائع التي تحدث بين المسلمين، فقد اقتضت رحمة الله بعباده أنه كلما وقعت لم يكن حكمها معروفا عند المسلمين أن تنزل الآية أو الآيات عقبها، مبينة حكم الله فيها، ومثال ذلك حادثة الإفك، فقد نزلت فيها آيات من فوق سبع سماوات، ببراءة السيدة الحصان الرزان (١) «عائشة» - رضي الله عنها- وإدانة الذين رموها بدون شهود وبينة، وبيان حكم الله فيهم، وهي قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ إلى قوله: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (٢٠) [سورة النور: ١١ - ٢٠].