فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ [سورة البقرة: ٢١٩]، وقوله: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ [سورة الأعراف: ١٨٧].
وطبعي.. أن هذه الأسئلة لم تكن في وقت واحد، بل كانت تحدث متفرقة فكان نزول القرآن مفرقا لذلك.
٣ - تنبيه المسلمين من وقت لآخر إلى أخطائهم وأغلاطهم، وتحذيرهم من معاودتها والوقوع فيها؛ وذلك مثل ما حدث في «أحد» فقد خالف الرماة نصيحة رسول الله، متأولين، فكانت النتيجة: أن أتي المسلمون من جهتهم وأن شاعت الهزيمة بينهم، وشج وجه النبي، وكسرت رباعيته، واستشهد منهم عدد كثير، فأنزل الله في ذلك آيات عدة، مسجلة الأغلاط، ومحذرة لهم من المخالفة، والفرار عند اللقاء.. اقرأ- إن شئت- قوله تعالى: وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ (١٥٢) الآيات [سورة آل عمران: ١٥٢ وما بعدها].
ومثل ما حدث في «حنين»، فقد اغتر المسلمون بكثرتهم، حتى قال قائل في هذا اليوم: «لن نهزم من قلة». ولم يعتمدوا على الله حق الاعتماد في طلب النصر، فكانوا أن منوا بالهزيمة أولا، ولولا تدارك الله تعالى لهم برحمته، وثبات النبي ﷺ وحوله فئة قليلة من أبطال أصحابه، وإنزال الملائكة مثبتة لقلوبهم ومقوية لروحهم لكانت الهزيمة ساحقة ماحقة اقرأ معي قول الله سبحانه: لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (٢٥) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ (٢٦) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٧) [سورة التوبة: ٢٥ - ٢٧].
وقد كانت «حنين» درسا تعلم منه المسلمون: أن النصر ليس بالعدد والعدّة فحسب، وإنما هو من عند الله، وأن الاغترار ليس من خلق