العشرة واحدة وإنما اختلفوا في إطلاق الشاذ على ما عدا هؤلاء العشرة) (١) فأهل الشام كانوا يجهلون صحة القراءات الثلاث الزائدة على السبع قبل مجيء الواسطي إليهم فكان إقراؤه للعشر هناك فتحا علميّا رائعا رسخ فيما بعده عند علماء هذا الشأن.
وهكذا نجد الواسطي قد أشاد منارات شامخات لعلم القراءات تعالى نورها في آفاق الأقطار ليدلّ بها على نجمه المتألق حيث تطلّعت إليه أنظار العلماء والدارسين في أرجاء المعمورة.
إنّ شغف الواسطي بالعلم وأهله جعله لا ينزل بلدا إلا ليشدّ الرّحال منه إلى آخر ليرتشف منه الختمات والقراءات ولذا نجده يرحل إلى مصر ليسمع صحيح مسلم على أبي الحسن على بن عمر الوائيّ ويأخذ عن أبي النّون يونس بن إبراهيم الدّبابيسي شيئا من معجمه الكبير ثم يلتقي بتقيّ الدين محمد بن الصّائغ ليأخذ عنه علم القراءات حيث قرأ عليه ختمة جمع فيها بعدّة كتب في سبعة عشر يوما (٢).
وبعد تلقّيه العلم عن هؤلاء هرع إليه طلاب العلم وشيوخه في أرض الكنانة ليأخذوا عنه القراءات العشر وكان منهم: إسماعيل بن يوسف المعروف بالمجد الكفتي والبدر النابلسي الذى أخذ عنه أيضا إرشاد القلانسيّ (٣).
إن المكانة العلمية التي تبوّأها الواسطي جعلت صيته يطير في الآفاق بحيث أشادت بعلوّ مقامه أقوال العلماء الذين عاصروه. فقد ذكر ابن حجر في ترجمته:
(قال الذّهبيّ: قدم علينا فرأيته من علماء هذا الشأن واشتهر اسمه وكان بصيرا بالقراءات) (٤). وذكر أيضا: (وقال العفيف المطري: أجمع على تقدّمه في

(١) ينظر: النشر ١/ ٣٩، ودور القرآن في دمشق/ ١٣.
(٢) ينظر: منتخب المختار/ ٦٩، والدرر الكامنة ٢/ ٢٧٠.
(٣) انظر السابق.
(٤) ينظر: منتخب المختار/ ٦٩، والدرر الكامنة ٢/ ٢٧٠.


الصفحة التالية
Icon