الهواء (١). غير أن مخرج الهمزة على قول الواسطي اشترك فيه أقصى الحلق وما يليه من أعلى الصدر، أي أن مخرج الهمزة عنده ليس من أقصى الحلق فقط. كما ورد عند القدامى. وإنما من أعلى الصدر الذي يأتي بعد أقصى الحلق. وهو بهذا الكلام يعطي الهمزة مخرج الأحرف الجوفية كما ذكر الفراهيدي، حيث قال عند تعداده لحروف العربية: (وأربعة أحرف جوف وهي الواو والياء والألف والهمزة) (٢). أما مخرج الهمزة عند سيبويه فمن أقصى الحلق، ولم يقل أن أعلى الصدر يشكل جزءا مع أقصى الحلق لخروج الهمزة، بينما قال عن الألف إنه حرف هاو، وهو الذى اتّسع لهواء الصوت مخرجه أشد من اتساع مخرج الياء والواو، والألف أوسع منهما مخرجا (٣).
أما ابن جني، فقد أيّد سيبويه في أن مخرج الهمزة من أسفل الحلق وأقصاه (٤).
ومما ورد في الكنز من القراءات التي بانت فيها ظاهرة الهمز: قراءة المدنيّين والشاميّ لقوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع [المعارج/ ١] حيث خفّفا همزة (سأل) بينما قرأ الباقون بإثباتها (٥).
ففي ترك الهمز هنا ثلاثة أوجه، أولها: أن يكون من السؤال فأبدلت الهمزة ألفا، وهو بدل على غير قياس لكنه جائز حكاه سيبويه وغيره. والثاني: أن يكون الألف بدلا من واو، حكى سيبويه وغيره: سلت تسال لغة بمنزلة خفت تخاف.
والثالث: أن يكون الألف بدلا من ياء من سال يسيل، بمنزلة كال يكيل (٦).
وقال ابن خالويه: والاحتمال عندي أن يكون من السؤال؛ لأنه جواب لقوله تعالى: فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم [الأنفال/ ٣٢]، سألوا ذلك فأنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع، فالباء هنا: عن، والتقدير:
(٢) العين ١/ ٥٧.
(٣) الكتاب ٤/ ٤٢٣، ٤٣٥، ٤٣٦.
(٤) سر صناعة الإعراب ١/ ٥٢.
(٥) الكنز/ ٦٠٢.
(٦) مشكل إعراب القرآن ٢/ ٧٥٦.