نفعا. بيّن مؤلفه في مقدمته طريقته فيه وتتخلص بما يلي:
العناية بالرواية وتخريج الأحاديث، وبيان جوانب اللغة والإعراب، وذكر القراءات، وبيان الناسخ والمنسوخ وإسقاط القصص والتواريخ، والتعويض عنها بالأحكام المستنبطة، وذكر أدلة الأئمة، ثم الإدلاء برأيه بغاية الهدوء والموضوعية.
ويمتاز هذا التفسير بمزايا هامة، منها: وضوح عبارته وسهولته، ومنها حسن ترتيبه، فهو يقسم الأفكار ويجعل كل فكرة مسألة، ويصدر تفسير الآية بهذه العبارة: قوله تعالى كذا... فيه سبع عشرة مسألة مثلا، المسألة الأولى.. وهكذا.. ما يساعد القارئ على ترتيب أفكاره وحسن الفهم.
ومنها اعتناؤه بعلوم اللغة في دلالة الكلمة واشتقاقها ووجوه الإعراب وفائدتها في المعنى. ومنها أنه عني بالاستنباط من كل القرآن فاستنبط أحكاما من آيات ليست مما يورده أصحاب تفسير أحكام القرآن.
ومن أمثلة طريقته في الجانب الفقهي الذي نتكلم عنه هنا:
قوله تعالى في آية الوضوء: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ: قال رحمه الله (١):
«ولا بد في غسل الوجه من نقل الماء إليه وإمرار اليد عليه، وهذه حقيقة الغسل عندنا وقد بيّناه في النساء. وقال غيرنا: إنما عليه إجراء الماء وليس عليه دلك بيده. ولا شك أنه إذا انغمس الرجل في الماء وغمس وجهه أو يده ولم يدلّك يقال: غسل وجهه ويده. ومعلوم أنه لا يعتبر في ذلك غير حصول الإسم فإذا حصل كفى».
فقد رجح مذهب غير المالكية أنه لا يجب الدلك في الغسل، واستدل بأن الغمس في الماء يسمى غسلا، وبالتالي فإن المطلوب حصول ما يسمى غسلا، وهو معنى قوله: «لا يعتبر في ذلك غير حصول الإسم» أي لا يجب إلا

(١) الجامع لأحكام القرآن ج ٦ ص ٨٣. وانظر تفسيره آية النساء ج ٥ ص ٢٠٩.


الصفحة التالية
Icon