هذا دليلا على أن مجرد موافقة الخط لم يكن هو العمدة في صحة القراءة.
وإذا كانت قضية القراءة نقل قبيلة ثم بلد، فكيف يمكن لرسم المصحف أن يؤثر فيها، أو يؤثر فيها الاجتهاد الشخصي؟!.
٣ - إن فذلكة تسيهر للموضوع جرت على قلب القضية من أساسها، وذلك أنه ليس هناك أي اختلاف في أن تجريد المصاحف العثمانية من الشكل والنقط كان بقصد استيعاب الأحرف المروية الثابتة من قبل عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا الزاعم قلب القضية وجعل هذا الرسم للمصحف سببا لظهور القراءات فيما بعد بزعمه الباطل.
٤ - أن يكون الاستدلال بقراءة مكذوبة كما سبق، أو تكون قراءة تفسيرية كما هو مقرر، أو أن يكون النقل مختلقا على الإمام الذي نسب إليه، مثل الكلام المنقول عن الإمام أبي جعفر رضي الله عنه، فإنه مكذوب عليه، لأن سنده من طريق كذاب، قال أبو حنيفة ما رأى أكذب منه (١).
فتحققنا من ذلك كله قطعية نقل القراءات المعتمدة، بأقوى نقل، هو التواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
القراءات الشاذة:
القراءة الشاذة: هي كل قراءة لم يتوفر فيها شرط واحد من شروط القراءة الصحيحة التي سبقت في ضابط القراءة الصحيحة.
وهذا الإطلاق للشذوذ قديم، وكان الأصل فيه إطلاق الشذوذ على ما خالف رسم المصحف، واستوفى سائر الشروط، ويطلق على القراءة التي استوفت الشروط إلا أن
سندها ضعيف: «رواية ضعيفة»، كما أطلقوا عليها وصف: «الشذوذ» أيضا على سبيل التوسع. أما إذا لم يوجد للقراءة سند فإنها تكون رواية مكذوبة مختلقة، يكفّر متعمدها حتى لو وافقت المعنى ورسم المصحف.