فما هو الهدف أو المقصود من إيرادها؟.
أكثر العلماء من المفسرين واللغويين، وغيرهم قالوا: إن هذه الحروف المقطعة في فواتح السور هي أسماء للسور التي افتتحت بها، قالوا: سمّيت بها إيذانا بأنها كلمات عربية معروفة التركيب، قد ركّبت من هذه الحروف وأمثالها، وفي ذلك إشارة إلى الإعجاز، وأن القرآن لولا أنه وحي من الله تعالى لما عجزوا عن معارضته (١).
يؤيد هذا القول أحاديث، منها ما في الصحيحين (٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم السجدة، وهل أتى على الإنسان».
وكذا حديث: «يس قلب القرآن» (٣).
وحديث: «من قرأ آية «الكرسي» و «حم» المؤمن عصم ذلك اليوم من كل سوء» (٤).
وذهب كثير من المحققين إلى أن هذه الحروف هي حروف مسرودة على طريقة التعديد- أي النطق بلفظها فقط- تنبيها على إعجاز القرآن، وكأنه يقول: إن القرآن منتظم من عين الحروف التي يتألف منها كلام العرب، فلولا أنه نازل من عند خلّاق القوى والقدر لما تضاءلت عن الإتيان بمثله قدرتهم، ولا عجزت عن كلام يساويه طاقاتهم، وهم فرسان البيان وأرباب الفصاحة والبلاغة.
(٢) كلاهما في الجمعة البخاري ج ٢ ص ٥ ومسلم ج ٣ ص ١٦.
(٣) أخرجه أحمد عن معقل بن يسار مرفوعا في ضمن حديث ج ٢ ص ٢٦ وأخرجه الترمذي عن أنس عنه ﷺ وفيه «وقلب القرآن يس». في فضائل القرآن رقم ٣٠٤٨ والبزار عن أبي هريرة. تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٥٤٧.
(٤) أخرجه البزار والترمذي في فضائل القرآن رقم ٣٠٣٩، والأحاديث في تسمية السور «حم» و «يس» وغيرهما كثيرة، انظرها في الجامعين الصغير والكبير في لفظ «من قرأ» وفي مصادر التفسير المأثور.