الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد عمي. فقالت له خديجة: يا ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلم خبر ما رأى.
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أو مخرجيّ هم؟!» قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزّرا.
ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي».
قال ابن شهاب: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: وهو يحدث عن فترة الوحي: فقال في حديثه: «بينما أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاء في حراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه فرجعت، فقلت:
زمّلوني زمّلوني، فأنزل الله عز وجل: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ إلى قوله: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ. فحمي الوحي وتواتر»
(١).
كيفيات الوحي:
وليست مراتب الوحي مقتصرة على هذين الحالين اللذين عرفناهما من الحديث،: الرؤيا والأخذ من الملك، بل إن له مراتب وكيفيات عدة ذكر القرآن الكريم أصولها في قوله تعالى: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٢).
وقد دلّت هذه الآية الجامعة على كيفيات الوحي وأنها ثلاث لا رابع لها، وسماها العلماء مراتب الوحي، وهي:

(١) أخرجه البخاري في أول صحيحه وغيره. غطّني: ضمني وعصرني بقوة. زمّلوني:
لففوني بالثياب. الرّوع: الفزع. الناموس: صاحب السّرّ. جذع: شاب. لم ينشب: لم يلبث.
(٢) سورة الشورى: الآية ٥١.


الصفحة التالية
Icon