حرام إلا وهو متشكّك، فأين الإيمان والجزم بشرع الله تعالى! نعوذ بالله تعالى! إن ذلك يخل بوجوب امتثال الإسلام، الذي كلف الله تعالى به جميع الأنام، في كل الأزمان، وذلك الإخلال ضد نصوص القرآن القطعية التي تطالب الناس بالإسلام في كل عصر وآن. قال تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً. وقال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً الآية. وقال تعالى: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ وقال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فلذلك كان أيضا حفظ كتابه النازل عليه ﷺ ثابت بالأدلة القطعية المفحمة للعقول، كما تقدم.
ومن ذلك أيضا قوله تعالى تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً فقد بيّن سبحانه في هذه الآية أن وظيفة سيدنا محمد ﷺ عبد الله ورسوله أن ينذر العالمين إلى يوم الدين، دون أن يقتصر على أهل زمانه فحسب. ولا بد لهذا الخبر أن يتحقق وقوعه، لأنه من الله تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا فكيف كان ذلك؟ هل تحقق أم لا؟.
نعم كان ذلك حقا، كما بيّن الله تعالى في قوله وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أي وأنذر القرآن كل من بلغه هذا القرآن إلى يوم الدين، لأن هذا القرآن باق كما هو، إلى يوم الدين بحفظ رب العالمين (١).
خامسا: إن من المعلوم قطعا أن القرآن الكريم كان في حياة الصحابة والسلف الصالح بمنزلة الروح من الجسد، به آمنوا بالإسلام، وبه جاهدوا، وبه جادلوا وقارعوا أهل الملل، ولأجله عاشوا، وبذلوا أرواحهم رخيصة من أجل القرآن ودعوته، واستحفظوه حوافظهم الفذة، يتلونه آناء الليل وأطراف النهار. فمن المحال أن يحصل في كتاب الله تعالى خلل أو زيادة أو نقص من أي شخص كان مهما عظم شأنه سهوا أو عمدا إلا وينهض القوم بأجمعهم