تستدعيه من معان يستلزم بعضها بعضا، فيتألف من ذلك علم كثير، وأفهام زاخرة.
وهذه الخصوصية هي كغيرها أيضا مستوفاة في جميع القرآن، وفي كل آية منه، لا يحتاج الدارس والباحث إلى اختيار وانتقاء، بل كيفما قلب المصحف ونظر بعين البصيرة المدركة وجد أي خصوصية يطلبها على أعظم منازل الكمال الذي لا يطيقه إنسان، ووجد أسلوبه ينفذ من كافة أقطار النفس، ويتغلغل في أعماق الأفئدة، فيحملها على الخشوع والإخبات، لما في طياته من قوة وهيمنة تدل على تنزله من علو، وصدوره من عظمة الألوهية وشرف الربوبية، وقدرة الإله الحق ذي الجبروت.
فالقرآن بنفسه يدل على قدر متكلمه ويخبر عن مقام منزله عز وجل، كما ينبه على عظيم شأنه تبارك وتعالى، فيثبت لكل عاقل صحة رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وصدق نبوته (١).
القسم الثاني من أوجه إعجاز القرآن: الإعجاز بالمضمون
يمتاز هذا القسم من أوجه إعجاز القرآن بأنه معجزة عقلية، يعقلها ويدركها كل من يفهم الخطاب ويرد الجواب، سواء كان يملك ذوقا أدبيا فنيا أم لا يملك، بل سواء كان
عربيا أو أعجميا. وذلك من غاية كمال الإعجاز في القرآن الكريم.
ونقتصر على مهمات من أوجه إعجاز المضمون في القرآن فيما يلي: