وغير ذلك كثير جدا، يحكم بالبطلان على من زعم تأثر العقيدة أو الدين في القرآن وفي دعوة الأنبياء بعادة أو عرف أو أثر من المجتمع... ويثبت أن القضية إنما هي قضية حجة وبرهان، فنقول لمن خالف القرآن في الإيمان بالله وتوحيده ما قاله القرآن وتحدّى به كل مخالف: قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ.
قصص القرآن حقيقة تاريخية:
لقد صرح القرآن بأنه يقص القصص الحق أي الثابت الواقع، فكان ذلك دلالة على أن ما جاء في هذا الكتاب الكريم تبيان لوقائع حدثت في غيب الماضي الذي اندثر علمه عن الناس، وكان هذا القصص وجها من أوجه إعجاز القرآن الدالة على أنه من عند الله تعالى.
غير أن التحريف والدس في قصص الأنبياء الذي وقع في تراث الأمم السابقة عامة، وفي المرويات الإسرائيلية خاصة دفع الباحثين العلميين الأجانب إلى التشكك في هذه القصص بل إلى الغلو في التشكك، حتى في القضايا البدهية، مثل وجود بعض الأنبياء المتقدمين الذين تدل دلائل اليقين القاطع على وجودهم، بل من كان له الأثر الكبير في تحول الإنسانية مثل إبراهيم أبي الأنبياء أو موسى وعيسى عليهم السلام.
ثم جاء ببغاوات الثقافة الأجنبية من أبناء ملتنا ليرددوا بغير علم قالة أولئك، ويطبقوها على قصص القرآن، ويثيروا حوله الشك والريب، وكأنّ ثمة فئة من الناس تستكثر
على هذا الإنسان أن يبقى له مرجع واحد ثابت لا يتطرق إليه الظن، يرقى بهذا الإنسان مما آل إليه من الانحدار.
والعجيب أن القرآن الكريم أحال الناس من قديم على مخلّفات الأمم البائدة وآثارها، قبل أن يتقدم علم الآثار ليقرأ فيها الباحثون أخبار الأمم ويستنطقوها أحوالها، تأمل قوله تعالى: وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ.. ، وقال لفرعون: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً...