ثالثا- التكرار:
والتكرار خاصة من خصائص أسلوب القرآن بصورة عامة، وهو في طريقة عرض القرآن للقصة جزء من تلك الطريقة. ولهذا نجمع بحث هذه السمة لنلخص بحثها في هذه المناسبة في فقرتين: تكرار القصة في القرآن، تكرار العبارات في القرآن.
١ - تكرار القصة في القرآن:
إن إطلاق كلمة تكرار هنا فيها كثير من التسامح والتساهل، فإن تعرض القرآن لما حدث مع نبي من الأنبياء مع قومه في أكثر من موضع ليس هو تكرارا بالمعنى الحقيقي، إنما هو استشهاد بالقصة لأغراض متعددة، لذلك لا نجد القصة تعاد كما هي، وإنما يذكر الجزء المناسب للغرض والمقصد الذي اقتضى الاستشهاد بالقصة باستعراض سريع. أما جسم القصة فلا يكرر إلا نادرا، ولاستنباط دروس وعبر جديدة منه مما يجعله على الحقيقة غير مكرر.
وهكذا وردت قصة آدم في ست مواضع من القرآن تثير العبر حول خطر اتباع الهوى ومخالفة أمر الله، وضعف الإنسان أو توبته وقبول توبته وهكذا.
كذلك وردت قصة إبراهيم في نحو عشرين موضعا، تثير في كل موضع عبرة ودرسا، في التوحيد، أو الإنابة، أو تأسيس البيت العتيق، أو الأذان في الحج.. إلى آخر ما هنالك..
وهكذا تكررت قصة موسى، مع فرعون، ومع قومه، ومع نبيّ الله شعيب في مدين:... وفي كل موضع عبرة وعظة وحكمة ودروس.
٢ - تكرار العبارات في القرآن:
هذا القسم من التكرار يبرز بعض خصائص أسلوب القرآن، وأسرار بلاغته المعجزة، فتارة يكرر الجملة أو العبارة بنصها دون تغيير فيها، لما في ذلك من التأكيد، أو التهويل، أو التصوير، وكل ذلك له أثر عظيم في تعميق المعنى في النفس وصدعها عما تصر عليه. ويظهر ذلك بوضوح بالمثال الذي يتبادر للذهن أول شيء لدى ذكر التكرار، وهو سورة الرحمن التي تكرر فيها