مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين، والمراد المعنى الآخر.. » (١).
ومن هنا توقف بعض الصحابة في تفسير بعض الكلمات، مثل توقف عمر بن الخطاب في معنى «الأبّ» من قوله تعالى: وَفاكِهَةً وَأَبًّا.
قال الإمام مالك بن أنس: «لا أوتى برجل يفسّر كتاب الله غير عالم بلغة العرب إلا جعلته نكالا».
وقال مجاهد بن جبر الإمام التابعيّ المفسّر: «لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب» (٢).
ومن خير ما يستعان به في تفسير الغريب أشعار العرب وكلامهم:
قال ابن عباس: «ما كنت أدري ما قوله: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ [الأعراف: ٨٩] حتى سمعت ابنة ذي يزن الحميري وهي تقول: «تعال أفاتحك» يعني أقاضيك».
وقال أيضا: «ما كنت أدري ما «فاطر السّماوات والأرض» حتى أتاني أعرابيّان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، يعني ابتدأتها» (٣).
ولأشعار العرب أهمية خاصة في هذا الفن، قال أبو بكر بن الأنباري (٤):
«قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرا الاحتجاج على غريب القرآن ومشكله بالشعر».
ولحبر المفسرين ابن عباس اعتناء كثير بالشعر في تفسير القرآن، نقلت عنه ثروة كبيرة في ذلك في مصادر التفسير، وأجمع ما روي عنه في ذلك مسائل نافع بن الأزرق زعيم الأزارقة من الخوارج، أخرج بعضها ابن الأنباري في كتاب
(٢) البرهان: ١/ ٢٩٢.
(٣) المرجع السابق ٢٩٣، والإتقان: ٢/ ٤ و ٥.
(٤) كما نقل عنه في الإتقان: ٢/ ٥٥.