تجعلها مفهومة عند العربي القديم، والعامي، لكنها تفيض بمعان يكشفها التأمل تتناسب مع تقدم العلم، وظهور مزيد من الحقائق التي كانت مجهولة، مما حفلت به دراسات إعجاز القرآن العلمي.
وللمفردة القرآنية دور كبير في هذا الباب العظيم، يطول استقصاؤه جدا، نكتفي ببعض الأمثلة منه:
فمن ذلك: قوله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً.
فقوله: لَواقِحَ فهمه المفسّر القديم مجازا عن تلقيح الرياح الأزهار أو جمع السّحب اجتماع الذكر بالأنثى. لكنّ العلم الحديث قرر أنّ السحاب يحمل شحنة كهربائية، بعضه سالب الشحنة وبعضه موجب، وأن الرياح تلقح السحب السالبة بالموجبة فينزل المطر. وهذا التفسير في غاية الدقة، وهو أليق بتناسب الجملة مع قوله بعدها: فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً لا سيما مع هذا العطف بحرف الفاء، التي تفيد الترابط.
وهكذا آيات القرآن المتعلقة بالكون، كلها شاهد أنه تنزيل من يعلم «السّرّ في السموات والأرض»، تبارك وتعالى.
وغير ذلك كثير من دور غريب القرآن، وكلماته، يزيد المتأملين فيه إيمانا، وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً.
ويرحم الله ابن عطية (١) إذ قال: «وكتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد».