ويساعد على ذلك سؤال الله تعالى الإخلاص، ودعاء التوجه في افتتاح الصلاة بحضور قلب وضراعة، والتعوذ من دخول الدنيا في قصده بأي صورة، أو شكل.
٢ - أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل
، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى الله عنه، إجلالا للقرآن، وأن يكون مترفعا على الجبابرة والمستكبرين من أهل الدنيا، اعتزازا بما آتاه الله تعالى من كنز القرآن أو علم الشرع، فإنه أنفس شيء عند العقلاء، لا تقوم به الدنيا، قال تعالى ممتنّا على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ* لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ.
فجعل سبحانه إيتاء القرآن موجبا للترفع على الدنيا وأهلها، وللتواضع للمؤمنين المتقين.
٣ - ليحذر عالم القرآن أو أي علم شرعي أن يتخذ القرآن أو العلم أداة لكسب المال
، يقصد به الدنيا. لما سبق من وجوب الإخلاص، والبعد عن الرياء، ولما ورد في الكتاب والسنة من التهديد والوعيد على كتمان العلم. ومنه تعليم القرآن فإنه واجب على الكفاية، كما أن تعلمه واجب على كل مسلم.
وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن- لمن خصلت نيته عن قصد الدنيا وأكل المال بالقرآن أو العلم فهذا الأخذ للأجرة بهذا الشرط قد اختلف العلماء فيه، وكثير من السلف كانوا على المنع ومنهم الحنفية والمالكية.
ثم اتفق المتأخرون على جواز أخذ الأجرة على ما ذكرنا، لما رأوا ضرورة انتظام تعليم القرآن، ونشر العلم توجب ذلك (١).
ويشهد لذلك حديث عبد الله بن عباس في اللديغ، لما رقاه بعض الصحابة وجعلوا له جعلا، أي عطية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» أخرجه البخاري (٢).
(٢) في الطب (الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب): ٧/ ١٣١.