وقال تعالى: وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى.
قال النووي: «ولا شك في عظم أجر الساعي في ذلك» (١).
وأما القراءة بالدور: وعبروا عنها بقولهم «الإدارة بالقرآن» - وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشرا، أو أكثر أو أقل، ثم يسكت ويقرأ الآخر من حيث انتهى الذي قبله، فهذا جائز حسن أيضا ولا إشكال فيه. وثوابه عظيم (٢).
حكم القراءة للغير:
ذهب أكثر العلماء إلى مشروعية قراءة الإنسان القرآن لغيره من حي أو ميت، وأنه يصل ثوابها إليه، وهو مذهب الأئمة الثلاثة.
وذهب الشافعي وبعض العلماء إلى خلاف ذلك، لقوله تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى (٣).
استدل الجمهور بظواهر أدلة كثيرة، منها من القرآن:
قال الله تعالى: وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ.
وقال أيضا: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ.
واستدلوا بصحة الصدقة والحج عن الغير، وكذا هذا.
وأجابوا عن الآية بأن وصول الثواب للغير هو من سعيه، وهو إيمانه، أو أن المعنى أن لا يجب للإنسان إلا ما سعى.
ويرجح ذلك أنه لا خلاف في مشروعية دعاء المؤمن لأخيه المؤمن، والتصدق عنه، وهذا دعاء بوصول الثواب، وقبوله بفضل الله تعالى (٤).

(١) التبيان: ٩٢، ومن أنكر هذا الاجتماع وأمثاله فهو مخالف للسنة، ولما عليه السلف والخلف، وهو قول متروك، كما قال النووي.
(٢) التبيان: ٩٣، والإتقان: ١/ ٣٠٣.
(٣) الإتقان: ١/ ٣١٤.
(٤) كما قال الآلوسي في روح المعاني: ٨: ٢٦٥، وفيه توسع، وانظر المدخل: ٤٦٧.


الصفحة التالية
Icon