اللفظ لابن عباس، لكن له حكم المرفوع أي المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اتفق علماء الحديث على اعتبار قول الصحابي في سبب النزول له حكم المرفوع، وأخرج المحدثون أسباب النزول في كتبهم كالبخاري ومسلم وغيرهما.
أما ما يرويه التابعون من أسباب النزول فهو مرفوع أيضا، لكنه مرسل (١)، لعدم ذكر الصحابي فيه.
لكن ينبغي الحذر والتيقظ، فلا نخلط بأسباب النزول ما ليس منها، فقد يقع على لسانهم قولهم: «نزلت هذه الآية في كذا»، أو «في الرجل يفعل كذا». ويكون المراد بيان موضوع الآية، أو ما دلت عليه من الحكم. كقوله تعالى: وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ. أخرج البخاري عن حذيفة في هذه الآية قال: «نزلت في النفقة» (٢).
قال الإمام الزركشي (٣): «وقد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال:
اختلاف روايات أسباب النزول: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع».
لما كان سبيل الوصول إلى أسباب النزول هو الرواية والنقل، كان لا بد أن يعرض لها ما يعرض للرواية مما هو معلوم ومدروس في علوم الحديث، من صحة وضعف، واتصال وانقطاع، وغير ذلك مما لا نطيل به، غير أنا ننبه هنا على ظاهرة هامة يحتاج الدارس إليها وهي اختلاف روايات أسباب النزول
(٢) ج ٦ ص ٥٧ والآية هي ١٩٥ من سورة البقرة.
(٣) البرهان ج ١ ص ٣١ - ٣٢ باختصار.