٢ - وإما أن يكون السبب خاصا ولفظ الآية عاما:
فالمعتمد الذي عليه جمهور الفقهاء والأصوليين والمفسرين وغيرهم «أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب».
ومن الأدلة على ذلك احتجاج الصحابة والتابعين فمن بعدهم في وقائع كثيرة بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة، وكان ذلك الاستدلال شائعا ذائعا بينهم، لا ينكره أحد.
لذلك قال محمد بن كعب القرظي: «إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد».
وسأل نجدة الحنفي ابن عباس عن قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما... أخاصّ أم عام؟ قال: بل عام (١).
ويدل لذلك أيضا أنه كما قال الإمام الزركشي:
«قد جاءت آيات في مواضع اتفقوا على تعديتها إلى غير أسبابها، كنزول آية الظّهار في سلمة بن صخر، وآية اللعان في شأن هلال بن أمية، ونزول حدّ القذف في رماة عائشة رضي الله عنها، ثم تعدّى إلى غيرهم» (٢).
وهذه القاعدة من البدهيات، لا يمكن للعالم أن يخصص ألفاظ القرآن العامة «بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق» كما قال ابن تيمية (٣).
وعلى ذلك درجت القوانين في الدنيا كلها، فإن القانون يصدر لأسباب خاصة في أحيان كثيرة ثم يكون حكمه عاما على الجميع.
أشهر المؤلفات في أسباب النزول:
كان التسطير في أسباب النزول من اختصاص الأئمة الكبار المحدثين

(١) الإتقان ج ١ ص ٢٩ - ٣٠.
(٢) البرهان ج ١ ص ٢٤.
(٣) الإتقان ص ٣٠. وانظر البرهان ج ١ ص ٣٢.


الصفحة التالية
Icon