كما يشمل ما نزل بعد الهجرة خارج المدينة في سفر من الأسفار أو غزوة من الغزوات.
روي عن يحيى بن سلام قال: «ما نزل بمكة وما نزل في طريق المدينة قبل أن يبلغ النبي ﷺ المدينة فهو من المكي، وما نزل على النبي ﷺ في أسفاره بعد ما قدم المدينة فهو من المدني».
وهذا أثر هام ومفيد، يؤخذ منه أن ما نزل في سفر الهجرة مكي اصطلاحا (١).
المذهب الثاني: أن المكي ما نزل بمكة ولو بعد الهجرة والمدني ما نزل بالمدينة.
وهذا المذهب مكاني، قد تقيد بالتسمية المكانية، والتزم ظاهر التسمية، وإن كان شرّاحه أدخلوا في مكة ضواحيها، فاعتبروا من القرآن المكي ما نزل بمنى وعرفات والحديبية، ومن القرآن المدني ما نزل بأحد وسلع (٢).
لذلك كان في هذا الضابط ثلمة هي وجود قسم ثالث هو واسطة بين القسمين، وهو ما نزل من القرآن في الأسفار، فإنه لا يعد مكيا ولا مدنيا...
المذهب الثالث: أن المكي ما وقع خطابا لأهل مكة، والمدني ما وقع خطابا لأهل المدينة.
وفسّر بهذا قول الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: «كل شيء نزل فيه: «يا أيها الناس» فهو بمكة، وكل شيء نزل فيه «يا أيها الذين آمنوا» «فهو بالمدينة» (٣).

(١) كما قال السيوطي في الإتقان ج ١ ص ٩.
(٢) المرجع السابق وزاد في ضواحي المدينة ذكر «بدر»، وهو مستبعد لبعدها الشاسع عن المدينة.
(٣) أخرجه الحاكم عن ابن مسعود، ويشهد له ما ورد بمثله عن كثير من المفسرين وعن ابن عباس، أنظر البرهان ج ١ ص ١٨٩ - ١٩٠.


الصفحة التالية
Icon