ثالثا: كثرة الوضع في التفسير.
السبب الأول: الإسرائيليات:
والمراد بها اللون اليهودي واللون النصراني في التفسير وما تأثر به التفسير من الثقافتين اليهودية والنصرانية. ومبدأ دخولها في التفسير يرجع لعهد الصحابة، غير أن الصحابة وإن تشوقوا لمعرفة التفاصيل لم يسألوا أهل الكتاب عن كل شيء ولم يقبلوا منهم كل شيء، مع توقفهم فيما يلقى إليهم ما دام يحتمل الصدق والكذب، امتثالا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله» (١). فلم يسألوهم عن شيء يتصل بالعقيدة ولم يعدلوا عما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. كذلك لا يصدقون اليهود فيما يخالف الشريعة...
وهكذا لم يخرج الصحابة عن دائرة الجواز التي حددها لهم الرسول في قوله: «بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار» (٢). كما أنهم لم يخالفوا قول رسول الله: «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا». أباح الأول أن يحدثوا عما وقع لبني إسرائيل من الأعاجيب للعبرة والعظة بشرط أن يعلموا أنه ليس مكذوبا، والثاني يراد منه التوقف فيما يحدّث به أهل الكتاب مما يكون محتملا للصدق والكذب، أما ما خالف شرعنا فنحن في حل من تكذيبه.
أما التابعون: فقد توسعوا في الأخذ عن أهل الكتاب وكثرت في عهدهم الروايات الإسرائيلية لكثرة من دخل منهم في الإسلام، فظهرت في هذا العهد جماعة حشوا التفسير بكثير من القصص المتناقضة كمقاتل بن سليمان. وهكذا تزايد أمر الإسرائيليات حتى كان جماعة بعد عصر التابعين لا يردون قولا، ثم في عصر التدوين وجد من المفسرين من حشوا كتبهم بهذه القصص الإسرائيلية؟.
(٢) أخرجه البخاري أيضا: ٦: ٢٠ - ٢١.