رابعا: استدلوا بدعاء النبي- صلى الله عليه وسلم- لابن عباس «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل». فلو كان التأويل مقصورا على السماع والنقل لما كانت فائدة في تخصيص ابن عباس بهذا الدعاء (١).
التحقيق في الموضوع:
لو عرفنا سر المتشددين في التفسير ووقفنا على شروط تفسير القرآن بالرأي عند المجوزين للتفسير بالرأي لظهر لنا أن الخلاف لفظي لا حقيقي، وذلك لأن الرأي قسمان:
قسم جار على كلام العرب مع مراعاة سائر شروط التفسير وهو جائز لا شك فيه.
وقسم غير جار على قوانين العربية أو لا يوافق الأدلة الشرعية أو غير مستوف لشروط التفسير، وهذا هو مورد النهي، وهو مراد ابن مسعود بقوله:
«ستجدون أقواما يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم فعليكم بالعلم وإياكم والتبدع وإياكم والتنطع»، وقال عمر بن الخطاب: «إنما أخاف عليكم رجلين: رجل يتأول القرآن على غير تأويله، ورجل ينافس الملك على أخيه». وهذا هو الذي يفسّر عليه كلام المانعين للتفسير بالرأي.
قال ابن تيمية: «فهذه الآثار الصحيحة عن السلف، وما شاكلها محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة، لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد... ».
العلوم التي يحتاج إليها المفسر: والتمكن منها شرط أساسي للباحث في التفسير، وهي:
١ - علم اللغة.