وقد حظي باهتمام الناسخين وجه الرسم الذي اتبعه الإمام أبو داود في «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» فطبعت به مصاحف عدة في الشرق والغرب بروايات مختلفة، بل ورد عن الناسخين ترجيح مذهب أبي داود عند ما يختلف مع شيخه أبي عمرو الداني. يقول نساخ المصاحف: «وقد روعي في ذلك ما نقله الشيخان أبو عمرو الداني، وأبو داود سليمان بن نجاح مع ترجيح الثاني عند الاختلاف».
هذا الكلام وقع من نفسي موقعا حسنا، فقوي عزمي أن أختار هذه الشخصية الراجحة، وأنتسب إليها، والحمد لله على فضله وإحسانه.
فلمكانة هذا الكتاب العظيم كان اعتزازي بالانتساب لتحقيقه، ولمكانة مؤلفه كان اختياري لدراسته.
ثم إن هذا الكتاب حفظ لنا روايات وأقوالا للعلماء المتقدمين الذين لم تصلنا مؤلفاتهم، مثل روايات نافع بن أبي نعيم المدني، وأبي عبيد القاسم ابن سلام، وحكم بن عمران الناقط الأندلسي، وعطاء بن يزيد الخراساني، ونصير بن يوسف النحوي، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وغيرهم ممن كانوا أئمة في القراءات وهجاء المصاحف. فكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» حفظ لنا بعضا من هذه الروايات، وأقوال المتقدمين؛ لأن كل ما ألّف في موضوع هجاء المصاحف، وإعرابها بالنقط والشكل في العصور المتقدمة يعد في عداد المفقود أو المهمل.
وحينئذ يعد الظفر بكتاب «مختصر التبيين لهجاء التنزيل» وإخراجه- والحالة هذه- كنزا وثروة علمية تسد فراغا كبيرا، ونقصا حاصلا،