ثم يلتمس التوجيه والتعليل بعد متابعة الرواية. فكان يكثر من قوله:
«هذا مع اتباعه من قرأ عليه لقوله صلى الله عليه وسلّم: «اقرءوا كما علمتم»، ومن قوله: «اتباعا للمرسوم، ولمن أخذنا ذلك عنه، إذ ليس للقياس طريق في كتاب الله عز وجل، وإنما هو سماع وتلقين».
فهذا دأبه في كتابه «مختصر التبيين لهجاء التنزيل».
ومما يدل على أهمية الكتاب أن المؤلف رحمه الله يربط القراءة بالمصاحف، وهو أمر خلت منه جميع الكتب المؤلفة في هجاء المصاحف.
فالمؤلف رحمه الله جمع بين رواية هجاء المصاحف ورواية القراءة ويقرن بينهما، ولم تعهد هذه الطريقة عند غيره فيما أعلم. فكان يقول مثلا: «وكتبوا في مصاحف أهل المدينة والشام: سارعوا وكذا قرأنا لهم، وفي سائر المصاحف: وسارعوا وبذلك قرأنا لهم». فهذا الربط يدل دلالة قطعية على أنّ قبول القراءة لا بد أن يكون موافقا لهجاء أحد مصاحف الأمصار.
وكذا لمست في كتابه السهولة واليسر، وعدم التكلف والتعصب سواء كان ذلك فيما يتعلق بالشكل، أو المحتوى أو بما ذهب إليه واختاره، فعباراته ولغته سهلة، وأسلوبه خال من الغريب والإغراق في استعمال الوحشي من الألفاظ.
كما ظهرت هذه السهولة واليسر في اختياراته وترجيحاته، ويتجلى ذلك في بعض الكلمات حيث يروي رواية مخالفة لما تلقاه ورواه عن شيوخه فلا يردها بل يحترمها، ويحسن العمل بها، أو يحسن الوجهين