مقدمة الدراسة
مدخل:
إن العناية بكتابة القرآن، ونشره بين الناس سنة نبوية كريمة، ورثها علماء المسلمين عن الرسول صلى الله عليه وسلّم، فكان صلى الله عليه وسلّم قد اتخذ كتابا للوحي،
منهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ومنهم زيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهم.
وكان كلما أنزل عليه شيء من القرآن، يدعو كتاب الوحي، فيمليه عليهم، ويحدد لهم مواضع الآيات في السور، فيقول: «ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا» (١).
وكان صلى الله عليه وسلّم يحث أصحابه على كتابة القرآن، ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، ومن كتب عنّي شيئا سوى القرآن فليمحه» (٢).
وهكذا لم ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلّم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن كتب القرآن كله بين يديه على العسب (٣) واللخاف (٤) والرقاع (٥) وقطع الأديم والأكتاف وغيرها مما كان متيسرا في عصرهم.
ثم توالت كتابة القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حيث كتب القرآن كله في نسخة موزعة في صحف فحفظها أبو بكر عنده، ثم حفظها عمر بن الخطاب بعده، ثم حفظتها حفصة بنت عمر بعد وفاة أبيها.

(١) من حديث ابن عباس عن عثمان بن عفان أخرجه الإمام أحمد ١/ ٥٧، ٦٩، وانظر: ٤/ ٢١٨، ٣/ ١٢٠، ٢٤٥ فتح الباري ٩/ ٨، ٢٢.
(٢) أخرجه الإمام مسلم كتاب الزهد بشرح النووي ١٨/ ٢٢٩، وأخرجه الدارمي في سننه ١/ ١١٩ والخطيب في تقييد العلم ٥٧.
(٣) العسب: جمع عسيب، وهو جريد النخل.
(٤) اللخاف: صفائح الحجارة.
(٥) الرقاع: جمع رقعة، وقد تكون من جلد أو ورق.


الصفحة التالية
Icon