[وقد (١) بينت ذلك كله (٢) في كتابي الكبير، في أول فاتحة القرآن (٣)، واستدللت (٤) على ذلك بدلائل جمة (٥) يرى ذلك هناك من رغبه إن شاء الله (٦)].

(١) في ق: «قد».
(٢) سقطت من: ق.
(٣) في ق: «الكتاب» وتقدم التعريف به في الدراسة في مؤلفاته.
(٤) وقع فيها تصحيف في: ج.
(٥) في ج، ق: «جملة» وفي حاشية: أمشروحة: أي كثيرة.
(٦) ما بين القوسين المعقوفين سقط من: ب.
تنازع الفقهاء والمحدثون والعلماء في البسملة وكونها من الفاتحة أم لا، أو آية مستقلة، أو هي من أوائل السور، والبحث فيها لا تتحمله هذه الهوامش، وقد استوفاه ابن تيمية في فتاويه، والشوكاني في شرحه للمنتقى، والحافظ الزيلعي في نصب الراية، والنووي في المجموع، وابن عبد البر في الإنصاف، والاستذكار، والساعاتي في الفتح الرباني، والرازي والألوسي في تفسيريهما، وألف فيها بعضهم كتبا كالخطيب البغدادي، وابن خزيمة، والدارقطني، وابن حبان، والبيهقي، والمقدسي.
والمؤلف هنا يرى أنها ليست من الفاتحة، واستدل على ذلك بما قدمه، وبعد التأمل في المسألة والنظر في أدلة القوم وما يرد عليها، رأيت- والله أعلم- أن البسملة في أول الفاتحة آية وهي قرآن، ومن قرأها في الصلاة أو في غيرها فقد قرأ قرآنا متلوا مرسوما، والدليل على ذلك وجودها في سورة النمل رسما ولفظا، ولأن أئمة القراءات اتفقوا جميعا على قراءة البسملة في ابتداء كل سورة سوى براءة، والإجماع على أن ما بين دفتي المصحف كلام الله، ثم إن جميع المصاحف الأمهات التي كتبها سيدنا عثمان كتبت فيها البسملة بنفس الرسم مع محافظتهم على تجريد المصحف من كل ما ليس بقرآن، والرسم كما هو معروف حجة قطعية، وأحد أركان القراءة الصحيحة، ثم إن بعض القراء السبعة أثبت البسملة، والقراءات السبعة متواترة فيلزم تواترها.
قال الساعاتي: «والذي يظهر أن أدلة القائلين بعدم البسملة مطلقا غير قوية» وقال ابن تيمية ردا على من قال بقول المؤلف: «والتحقيق أن هذه الحجة مقابلة بمثلها فيقال لهم بل يقطع بكونها من القرآن حيث كتبت، وأن ما بين اللوحين قرآن، وهو قول سائر من حقق القول في هذه المسألة، وتوسط أكثر فقهاء الحديث كأحمد، ومحققي أصحاب أبي حنيفة، وعبد الله بن المبارك، وقالوا كتابتها في المصحف تقتضي أنها من القرآن، فهي آية من كتاب الله وهو أوسط الأقوال وأعدلها» قال الحافظ الزيلعي: «وهو الذي تجتمع عليه الأدلة وهو القول الأوسط».


الصفحة التالية
Icon