يجزون به كبًّا لهذه الوجوه في النار، وقد أعرضت من قبل عن الحق الواضح وضوح الليل والنهار.
ويراد بالحسنة في الآية الأولى الإخلاص، والمراد بالسيئة في الآية الثانية الشرك.
الموازنة بين نصيب المؤمنين يوم القيامة ونصيب الكافرين:
إن نصيب المؤمنين يتلقونه من يد الله في جنات تجري من تحتها الأنهار، فالله هو الذي يدخلهم، وهو إذًا نصيب كريم علوي رفيع، وهم ينالونه من بين يدي الله في علاه جزاءً على الإيمان والصلاح، متناسقًا في رفعته وكرامته مع الارتفاع المنطلق من الإيمان والصلاح، ونصيب الذين كفروا متاع وأكل، قال تعالى: ﴿كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ﴾ (محمد: ١٢) وهو تصوير ذري يذهب بكل سمات الإنسان ومعالمه، ويلقي ظلال الأكل الحيواني الشره، والمتاع الحيواني الغليظ بلا تذوق وبلا تعفف عن جميل أو قبيح.
إنه المتاع الذي لا ضابط له من إرادة ولا من اختيار، ولا حارس عليه من تقوى، ولا رادع عنه من ضمير، وفي الآخرة لهم العذاب والنار مثوى لهم، إن هناك فارقًا أصيلًا في الحالة التي عليها الفريقان، وفي المنهج والسلوك سواء، فالذين آمنوا على بينة من ربهم رأوا الحق وعرفوه، واستيقنوا من مصدره واتصلوا بربهم فتلقوه عنه، وهم على يقين بما يتلقون غير مخدوعين ولا مضللين.
والذين كفروا زين لهم سوء أعمالهم فرأوه حسنًا وهو سيء، ولم يروا ولم يستيقنوا، واتبعوا أهواءهم بلا ضابط يرجعون إليه، ولا أصل يقيمون عليه، ولا نور يكشف لهم الحق من الباطل، أهؤلاء كهؤلاء؟! إنهم يختلفون حالًا ومنهجًا واتجاهًا، فلا يمكن أن يتفقوا ميزانًا ولا جزاءً ولا مصيرًا.