جـ- سرّ اهتمام القرآن البالغ بالوحدانية والتوحيد:
اهتم القرآن اهتمامًا بالغًا بالوحدانية؛ لأن الوحدانية صفة جامعة من صفات الله، واهتم القرآن بالتوحيد أيضًا لأن التوحيد عقيدة ملزمة، لا يُقبل عمل العبد إلا إذا قام بها على وجهها الشرعي، ولأن التوحيد هو العقيدة التي كثر فيها انحراف البشر، عن حقائق الفطرة التي خُلقوا عليها، وعن حقائق الوحي الإلهي الذي جاء على ألسنة الرسل -عليهم السلام.
د- جوامع ألفاظ الوحدانية والتوحيد:
لقد تحدث القرآن الكريم عن هذه القضية الكبرى، بألفاظ شتى، تدور حول تقريرها وتأكيدها بطريق الإثبات. مثل: لفظ الواحد والأحد والرب والإله، أو بطريق نفي أضدادها. مثل: الشرك والشركاء والشفعاء والأنداد، والدعاء والعبادة لغير الله، وغير ذلك كثير. وعلى سبيل المثال فقد ورد لفظ: واحد، وما تفرع منه في القرآن الكريم في ثمانية وستين موضعًا. انظر (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن) مادة وَحَد ص ٧٤٥.
منها ثمان وعشرون مرة وصفًا لله تعالى، وتقريرًا لوحدانيته. مثل قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ (البقرة: ١٦٣). ومثل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾ (الزمر: ٤٥).
وقد ورد لفظ أَحَد في القرآن الكريم خمسًا وثمانين مرة. انظر (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) مادة أَحَد ص ١٥.
ومن العجيب أن لفظة أحد جاءت مرة واحدة وصفًا لله تعالى، وهو قوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ (الإخلاص: ١) وكأن هذا نوع من التأكيد لوحدانية الله تعالى، من حيث اللفظ والمعنى والعدد جميعًا.