الله أن من جبله على الأخلاق المحمودة، ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإنه لا يخزيه.
وكذلك قال النجاشي لما استخبرهم عما يخبر به، واستقرأهم القرآن فقرءوه عليه، قال: "إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة". أخرجه ابن هشام في (السيرة)، وأخرجه أحمد في (المسند) من حديث أم سلمة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وكذلك ورقة بن نوفل لَمَّا أخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بما رآه، وكان ورقة قد تنصَّرَ، وكان يكتب الإنجيل بالعربية، فقالت له خديجة: "أي عم، اسمَعْ من ابن أخيك ما يقول، فأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بما رأى، فقال -أي: ورقة بن نوفل-: هذا هو الناموس الذي كان يأتي من موسى".
وكذلك هرقل ملك الروم، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما كتب إليه كتابًا يدعوه فيه إلى الإسلام طلب من كان هناك من العرب، وكان أبو سفيان قد قدم في طائفة من قريش في تجارة إلى الشام، وسألهم عن أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأل هرقل أبا سفيان، وأمر الباقين إن كذَبَ أن يكذبوه، فصاروا بسكوتهم موافقين له في الأخبار، سأله: هل كان في آبائه من ملك؟ فقالوا: لا ليس في آبائه من ملك. قال: هل قال هذا القول أحد قبله؟ فقالوا: لا. وسأله: أهو ذو نسب فيكم؟ فقالوا: نعم. وسألهم: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقالوا: لا، ما جربنا عليه كذبًا. وسألهم: هل اتبعه ضعفاء الناس أم أشرافُهم؟ فذكروا أن الضعفاء اتبعوه. وسألهم: هل يزيدون أم ينقصون؟ فذكروا أنهم يزيدون. وسألهم: هل يرجع أحد منهم عن دينه سخطةً له بعد أن يدخل فيه؟ فقالوا: لا. وسألهم: هل قاتلتموه؟ قالوا: نعم. وسألهم عن الحرب بينهم وبينه. فقالوا: يدال علينا مرة، وندال عليه أخرى. يعني: مرة يهزمنا ومرة نهزمه. وسألهم: هل يغدر؟ فذكروا