شيء، ثم في العمل والسلوك؛ لأنه مقياس كل شيء بعده، فلا يقبل عمل بدونه، ولا تقبل شفاعة، ولا تعطى مغفرة لمن أخلَّ به. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (النساء: ٤٨).
التوحيد أساس دعوة جميع الرسل -عليهم السلام-
لقد قرر القرآن الكريم أن الأساس الذي قامت عليه دعوة الرسل هو: تقرير وحدانية الله تعالى، وتنزيهه عن الشركاء والأنداد والأبناء والآباء، وصرف وجوه العباد له وحده؛ في العبادة والطاعة، والذكر والدعاء، والاستعانة والاستغاثة، والتوكل والرجاء، ونحو ذلك من كل ما لا يليق إلا به سبحانه وتعالى.
ولقد قرر القرآن الكريم هذا المعنى وأكده بطريقين:
الأول: الطريق الإجمالي: قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ (الأنبياء: ٢٥). فهذا تعميم على سبيل الحصر، بأن كل رسول قد أوحي إليه أن الله تعالى متصف بالوحدانية، لا إله إلا الله، ومستحق للتوحيد، وذلك في قول الله: ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ أي: أفردوني بالعبادة لأني متفرد بالألوهية.
وقال تعالى في هذا المعنى أيضًا: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ (النحل: ٣٦). هذه الآية تقرر أن الله تعالى قد بعث في كل أمة رسولًا، وكان أول دعوة كل رسول في كل أمة: أن اعبدوا الله ولا تشركوا به الطواغيت، والطواغيت: كل ما يعبد من دون الله تعالى، وهو مشتق من الطغيان.
هذا طريق من طرق القرآن في الاستدلال على التوحيد.