الرياح، كما قال تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ (الحجر: ٢٢) وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه﴾ (الأعراف: ٥٧)، وهكذا العاصفات هي الرياح، يقال: عصفت الريح إذا هبت بتصويت يعني بحدوث صوت، وكذا الناشرات هي الرياح التي تنشر السحب في آفاق السماء كما يشاء الرب -عز وجل-.
وقوله: ﴿فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا * عُذْرًا أَوْ نُذْرً ا﴾ (المرسلات: ٥، ٦) يعني: الملائكة، قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق ومجاهد وقتادة والربيع بن أنس والسدي والثوري، ولا خلاف ها هنا فإنها تنزل بأمر الله على الرسل، تفرق بين الحق والباطل والهدى والغي والحلال والحرام، وتلقي إلى الرسل وحيًا فيه إعذار إلى الخلق وإنذار لهم عقاب الله إن خالفوا أمره، انتهى.
والملائكة منهم "النازعات غرقًا" و"الناشطات نشطًا والسابحات سبحًا والسابقات سبقًا" ومنهم "الصافات صفًا فالزاجرات زجرًا فالتاليات ذكرًا" ومعنى جمع التأنيث في ذلك كله الفرق والطوائف والجماعات التي مفردها فرقة وطائفة وجماعة.
ومنهم ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، وملائكة قد وكلوا بحمل العرش، وملائكة قد وكلوا بعمارة السموات بالصلاة والتسبيح والتقديس، إلى غير ذلك من أصناف الملائكة التي لا يحصيها إلا الله- تبارك وتعالى-.
نأتي إلى نقطة أخرى وهي أن الملك رسول منفذ لأمر ربه:
لفظ الملك يشعر بأنه رسول منفذ لأمر مرسله فليس لهم من الأمر شيء، بل الأمر كله لله الواحد القهار، وهم ينفذون أمره، قال تعالى: ﴿لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ (الأنبياء: ٢٧، ٢٨) وقال تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون﴾ (النحل: ٥٠) فهم عباد له مكرمون منهم الصافون، ومنهم المسبحون، ليس منهم إلا له مقام معلوم لا يتخطاه، وهو على