أدلة الجمهور:
استدل الجمهور من العلماء على أن السحر له حقيقة وله تأثير بعدة أدلة؛ من أهمها:
أ- قوله تعالى: ﴿سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ (الأعراف: ١١٦). وقوله تعالى: ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ (البقرة: ١٠٢). وقوله تعالى: ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (البقرة: ١٠٢). وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴾ (الفلق: ٤).
فالآية الأولى دلت على إثبات حقيقة السحر بدليل قوله تعالى: ﴿وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾. والآية الثانية أثبتت أن السحر كان حقيقيًا، حيث أمكنهم بواسطته أن يفرقوا بين الرجل وزوجه، وأن يوقعوا العداوة والبغضاء بين الزوجين، فدلت على أثره وحقيقته. والآية الثالثة أثبتت الضرر للسحر، لكنه متعلق بمشيئة الله. والآية الرابعة تدل على عظيم أثر السحر، حتى أمرنا أن نتعوذ بالله من شر السحرة الذين ينفثون في العقد.
واستدلوا بما روي أن يهوديًّا سحر النبي -صلى الله عليه وسلم- فاشتكى لذلك أيامًا، فأتاه جبريل فقال: ((إن رجلًا من اليهود سحرك، عقد لك عقدًا في بئر كذا وكذا، فأرسل -صلى الله عليه وسلم- فاستخرجها فحلها، فقام كأنما نشط من عقال)). رواه النسائي عن زيد بن أرقم، وفي الصحيحين عن عائشة: "أن الذي سحره من اليهود يسمى لبيد بن الأعصم".
يقول الصابوني: "مِن استعراض الأدلة نرى أن ما ذهب إليه الجمهور أقوى دليلًا؛ فإن السحر له حقيقة وله تأثير على النفس، فإن إحداث التنافر بين الزوجين، والتفريق بين المرء وأهله، الذي أثبته القرآن الكريم، ليس إلا أثرًا من آثار السحر، ولو لم يكن للسحر تأثير لما أمر القرآن بالتعوذ من شر النفاثات في


الصفحة التالية
Icon