حكمة تشريع الجهاد:
الصراع بين الحق والباطل قديمٌ قِدمَ هذه الحياة لا يهدأ ولا ينتهي ولا يزول إلى أن يرث الله الأرضَ ومَن عليها، وإليه يرجعون، ولا بُدَّ لكل أمة من أمم الأرض تريد أن تحيا حياةَ العزة والكرامة من أن تستعد الاستعداد الكامل لمجابهة عدوها بكل ما تملك من قوة، وأن تأخذ بأسباب النصر، فتهيئ شبابها للجهاد والقتال؛ لأنه لا عيش في هذه الدنيا إلا للأقوياء، ولا منطق إلا للقوة، وقديمًا قال شاعرنا العربي:
ومن لا يظلم الناس يظلم | ومن لم يزد عن حوضه بسلاحه يهدَّم |
ولذلك شرع الله القتال لدفع عدوان الظالمين، ولتحطيم كل قوة تعترض طريق الدعوة وإيصالها للناس في حرية واطمئنان، وصدق الله حيث قال: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ﴾ (البقرة: ١٩٣) ولا يقاتل إلّا الباغي المعتدي، الذي يريد أن يفرض إرادته على الأمة بالقهر والسلطان، وأن يصد الناس عن دين الله بقوة الحديد والنار، ويفتن المؤمن بوسائل الفتنة والإغراء، قال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين﴾ (البقرة: ١٩٠).